تخطى إلى المحتوى

كيف يخطط معلمو المرحلة الابتدائية والثانوية لتنظيماتهم التعليمية؟

 

لا تهدف هذه المساهمة إلى تقديم إجابة شاملة ونهائية عن هذا السؤال، لكنها ستكون الخيط الناظم لتأملاتنا. سنبدأ باستعراض مختلف الدراسات العلمية التي قد تغني هذه المناقشة. ثم سننتقل إلى دراسة عملية التخطيط كما يصفها معلمون بلجيكيون، سواء كانوا معلمين في المرحلة الابتدائية أو مدرّسين حاصلين على شهادة التعليم الثانوي (المرحلتين الدنيا والعليا). لتحقيق هذا الهدف، أجرينا استبيانًا يهدف إلى استكشاف ممارسات المعلمين، بغض النظر عن مستوى خبرتهم، في مجال التخطيط. وقد أظهرت النتائج قضايا أساسية، رغم أن البحث الأكاديمي لم يولِها اهتمامًا كافيًا حتى الآن، لكنها تكتسب أهمية خاصة في مجالات البحث والتكوين في علوم التربية والتعليم.

التخطيط: إضاءة مفاهيمية مختصرة

تتناول أبرز المراجع في تعليم اللغة الفرنسية مسألة التخطيط بوضوح. على سبيل المثال، يعرف “إيف رويتر” وزملاؤه (2007) “البرمجة التعليمية” بأنها “عملية تخطيط زمني لمحتويات التعليم ضمن مادة دراسية”. ورغم أن هذا التعريف يبدو محدودًا نظرًا لتعدد أبعاد التخطيط، إلا أن دور المعلم لا يقتصر فقط على تحديد المحتوى الذي يجب تدريسه. بل يجب عليه أيضًا تحديد المهارات المطلوبة، العقبات المحتملة، الموارد التربوية اللازمة، وأساليب التقييم المناسبة. كما يميز رويتر وزملاؤه بين البرمجة على نطاق واسع (تصميم المناهج) والبرمجة على نطاق ضيق (تنظيم التقديم الزمني للمحتويات التعليمية).

وفقًا لكلود سيمار وزملائه (2010)، يشبه عمل المعلم عملية “تركيب دقيق” تتطلب الجمع بين منطقين متناقضين: الفرص المتاحة، والحجج المنظمة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما مدى معرفتنا عن هذه “التركيبات الخاصة” التي يعتمدها المعلمون في تخطيطهم الشخصي؟

يبدو أن الباحثين الناطقين بالإنجليزية تناولوا موضوع التخطيط بعمق أكبر. يُعدّ عمل “كريستوفر كلارك” و”بيتر بيترسون” (1986) مرجعًا رئيسيًا، حيث يقدمان تعريفين للتخطيط: الأول ينطلق من المنظور المعرفي ويرى التخطيط كعملية نفسية تتيح تصور المستقبل وبناء إطار عمل لتحقيق الأهداف، والثاني يستند إلى النهج الظاهراتي، حيث يتمثل في ما يفعله المعلمون عند قولهم إنهم يخططون. كما يستعرض “فيليب وانلين” وزملاؤه (2010) الأدبيات الأنجلوسكسونية التي تشمل أعمال “روبرت ينجر” (1977)، التي تميز بين أنواع التخطيط (سنوي، فصلي، إلخ). وتشير “جريتا مورين ديرشيمر” (1977) إلى أن التحضير المكتوب يعكس جزءًا بسيطًا فقط من عملية التحضير الفعلية، التي تبقى إلى حد كبير في الذهن.

التخطيط في الممارسة العملية: دراسة استكشافية

تمحورت الدراسة الاستكشافية التي أُجريت في ربيع 2013 حول السؤال: “كيف يصف المعلمون تخطيطهم؟”. يجدر الإشارة إلى ملاحظتين: أولاً، ما يقوله المعلمون عن تخطيطهم قد لا يتطابق دائمًا مع ممارساتهم الفعلية. ثانيًا، لم يتم التحقق من أقوالهم بمقارنة التحضيرات المكتوبة أو ملاحظات داخل الفصول الدراسية.

شمل الاستبيان:

  • المعلمين المتدربين من “معهد لوسيا دي بروكير” (المرحلة الابتدائية).
  • معلمي المرحلة الثانوية الحاصلين على شهادات من “معهد HELMO”.
  • معلمي اللغة الفرنسية في “جامعة لوفان الكاثوليكية” و”جامعة لييج”.

يعد هذا العينة غير شاملة ولا تمثل كافة الفئات، نظرًا لأن المستهدفين هم فقط المعلمون المتدربون. وقد أُرسل الاستبيان عبر البريد الإلكتروني بين 28 مارس و21 أبريل 2013، وأسفر عن 23 استجابة. تميزت معظم الردود بسرعة الاستجابة ولطف المرافقين.

تشمل العينة 8 ذكور و15 أنثى من مختلف الفئات العمرية ومن مستويات متفاوتة من الخبرة. من بين المستجيبين، كان 20 من معلمي المرحلة الثانوية و3 فقط من معلمي المرحلة الابتدائية، مما يثير تساؤلات حول هذا التفاوت.

تضمن الاستبيان سبعة محاور رئيسية:

  • من يخطط؟ لمن؟ متى؟ لماذا؟ كيف؟
  • علاقات بين التخطيط والتدريس.
  • تطور ممارسات التخطيط.